أنا من بلد تدعي حمص العدية.
نشأت فيها وكبرت وترعرعت ودرست، قبل انطلاقة الثورة.
كان لدي علم بما يفعله النظام المجرم بحق المدنيين أو بحق من يعارضه. فشقيق أمي اعتقل في الثمانينات فترة الأخوان المسلمين، خرج بعد عشرين عاما قضاها في سجن تدمر هزيلا متعبتا فاقدا للذاكرة.
كبرت وأنا أكن الحقد والانتقام على هذا النظام الفاشي، مع بداية انطلاقة الثورة في درعا بدأنا مع شباب المنطقة بالتخطيط للخروج بمظاهرة في مدينة حمص ، وفعلا خرجنا بها وأخيرا بعد خوف وحذر وترقب.
كنت أحضر لرسالة الماجستير في جامعة حمص، وكان لدي بعض المواقف المعادية لنظام الحكم بين زملائي فقط ظهرت لهم بمظهر المعارض لهذا النظام.
طبعا لم أسلم من تقارير أحيكت ضدي لأفرع الأمن المبجلة،
بعد فترة عرفت من أحد الأصدقاء أن فرع أمن الدولة يسأل عني، اختفيت عن الأنظار لمدة قضيتها متنقلة بين أحياء حمص وحاراتها وأزقتها، إلى أن تم القاء القبض علي بسبب مكالمة أجريتها من هاتفي النقال لأطمئن على أهلي، ما هي إلا ساعة وإذا بعناصر الأمن تطوق المكان بالكامل، تم اقتيادي إلى فرع أمن الدولة، استقبلوني استقبالا حافلا بدأ بالشتائم والضرب.
بعدها أخذوني إلى غرفة تركوني بها قرابة الخمس ساعات لم أعرف تحديد المدة بضبط لأنني كنت مكبلة اليدين ومعصوبة العينين، ما أسمعه كان ضجيجا فقط لم أركز إن كان أصوات تعذيب ام هي أصوات الأبواب الحديدية.
بعدها تم اخذي لمكتب المحقق الذي كان حاقدا منذ اللحظة الأولى، لم أركز أين وقع الكف على وجهي من قوته، لينها علي الضرب بعدها من حيث لا أدري، تعرضت لتعذيب بشكل مبالغ والشبح لساعات طويلة وسمعت شتائم عن سنين عمرها كلها. بقيت في فرع أمن الدولة مايقارب الثلاثة أشهر بعدها تم نقلي الى سجن حمص المركزي.
بقيت هناك قرابة السبع الأشهر إلى أن يتمكن أهلي من دفع مبلغ هائل لقاضي التحقيق وإجراخي.
بعد خروجي غادرت سورية إلى تركيا حيث عملت في دار تحتضن جرحى ومصابي الثورة،سعيت مع ناجيات أخريات لتشكيل مركز يعنى بشؤون الناجيات الا أن الفكرة لم تر النور.
لجأت بعدها الى أوروبا، حيث عملت مع عدد من الناشطين بجمع شهادات وأسماء لسجان وعناصر أمنيه فروا الى أوربا لتقديم تلك الشهادات للمحاكم المحلية والدوليه ومحاسبه مرتكبي الانتهاكات بحق المعتقلين.