اصواتنا

الأعداد التقريبية

0
نساء وأطفال مخفيين قسراً
11
مخفيين قسراً

بحث متقدم في الموقع

Search

لم يكن اعتقال ابني ما يبكيني بل جميع المعتقلين

مع انطلاق ثورة الياسمين في تونس الحبيبة تيقنت أن رياحها ستعمّ الوطن العربي بالكامل 

وفعلا وصلت الرياح الى سورية التي يحكمها أسرة ديكتاتورية اغتالت نخبة الوطن من الشباب السوري في الثمانينات وزجت البقية في السجون 

ومع  يوم ٢٠١١/٣/١٥ كانت سورية على موعد مع الحرية 

في هذا اليوم كان التنسيق حيث ستنطلق مظاهرةمن أمام جامع أبي بكر الصديق في مدينة جبلة على الساعة السادسة حيث وصلت المكان إلا أنني لم أر أحدا من الشباب إلى أن رنّ الموبايل ليخبروني بأن مكان المظاهرة تحول الى أمام جامع العزي 

وقفت وحيدة لتكون تلك الوقفة من أهم محطات حياتي 

بعدها انطلقت المظاهرات في مدينتي ولم تهدأ وغيّرت مكان إقامتي وتركت منزلي الى مكان قريب من انطلاق المظاهرات إلى أن قال أحد الأمنيين الذين كانوا يعملون عملاء مزدوجين بأن المخابرات ستعتقلني فلجأت الى مدينة حلب ونار الثورة تغلي في دمي وعروقي  في حين كانت مدينة حلب شبه صامتة فنزلت للأسواق لأعلم ماالذي يحصل فعلمت بأن النظام قد قام بضربة استباقية قبل  انطلاق الثورة واعتقل الآلف من الشباب الحلبي وأمر آخر علمته من التجار والناس بأنهم لن يكرروا العيش كما عاشوا في الثمانينات القتل والاعتقال 

لم يثنيني اعتقال ابني في المضي بثورتي فسورية بحاجة لألف ثورة لاقتلاع النظام الفاجر 

أثناء تجوالي في مدينة حلب تأكدت بأن ساحة سعد الله الجابري هي أحد المواقع الهامة لو أن مظاهرة قامت بها فتعرفت على بعض الشباب الثائر وخططنا لمظاهرة في ساحة سعد الله الجابري وكنت على موعد معهم مساء لنحدد متى سننطلق بالمظاهرة لم نكن عددا كبيرا بل كنا مجموعة صغيرة وفي بداية الجلسة  كان الأمن يحيط بالمكان بالأفراد والسيارت وبعنف وقوة وضعت الكلبجات في يدي وو قتها أحسست بانتصار كبير وأن مهمتي ومشاركاتي انتهت والأمل بالشعب الثائر كان كبيرا كان هذا في ٣٠١١/٩/٣٠ واقتادنا الأمن الى فرع أمن الدولة وبعد التحقيق أخذونا الى الأمن العسكري لنحشر في غرفة صغيرة ويغلق الباب علينا في تلك الليلة لم أعرف طعم النوم فأصوات الشبان تملأ المكان  ومن خلال الطاقة الصغيرة كنت أرى من يعذب  وأدخل في نوبة بكاء حادة 

وتم التحقيق في هذا الفرع والتبصيم لننتقل بعدها الى سجن حلب المركزي  وهناك كانت أصوات التعذيب تلاحقني لأدخل ثانية في نوبات من البكاء الحاد و افترشنا الأرض مع العشرات من النساء اللاتي اختلفت التهم إليهم فمنهم من دخلت السجن بقصة دعارة ومنهن بتهمة مخدرات سرقات واختلاسات وغيرها وتفاجأت كثيرا بالنساء 

لم يكن اعتقال ابني ما يبكيني بل جميع المعتقلين

أذكر أنني طالبت بوسادة واسفنجة للنوم فكان الجواب بأنهم سيضعون على الدولاب للعقوبة فقد اعتبروني بأنني سأحرض السجينات وكانت الادارة تنظر بعين الاحمرار علي وكنت أشعر بأنني مراقبة في كل لحظة 

أمضيت قرابة الشهر في السجن إلى أن كان الإفراج عني في تاريخ ٢٠١١/١٠/٣  لأعود ثانية الى ساحات التظاهر.

تركتُ سوريا عام ٢٠١٢ وتوجهت إلى تركيا عبر الحدود البرية في رحلة شاقة بين الجبال والوديان الحدودية، وبت أتابع منها ما يحدث في سوريا من دمار وتهجير وقتل وانتهاكات لحقوق الإنسان.

 عملت في تركيا على تأسيس مدرسة النور في ولاية غازي عنتاب (مدينة الاصلاحية) لمدة عامين، ثم عدت إلى سوريا لأعمل على تأسيس المدارس في المناطق المحررة التي كانت تفتقر وجودها، ولجأت إلى مخيمات القهر والعذاب، التي عشت ظروفها مع أخوتي السوريين في خيم لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، وكانت آخر محطاتي مخيم صلاح الدين في منطقة خربة الجوز (إدلب)، الذي أسست فيه مدرسة “بسمة أمل” للتعليم الأساسي، وما تزال قائمة حتى الآن، ثم أخذني الأقدار ثانية إلى تركيا حتى أعيش فيها لاجئة مع أخوات لي ناجيات، نتابع ما يحدث في بلدنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونأمل العودة قريباً إلى بلادنا وقد زال عنها كابوس آل الأسد وعصابته المجرمة.

مشاركة المنشور على فيسبوك
مشاركة المنشور على تويتر
مشاركة المنشور على لينكد إن