اصواتنا

الأعداد التقريبية

0
نساء وأطفال مخفيين قسراً
11
مخفيين قسراً

بحث متقدم في الموقع

Search

مازلت أبحث عن أمي في عيون كل ناجية خرجت من هلوكوست الأسد

اسمي شيماء من إحدى  مدن ريف دمشق، نشأت في أسرة أبي وأمي يحاولون جاهدين تأمين حياة كريمة وهادئة فأبي كان مهندس بأحد الشركات وأمي كانت أنسه في مدرسة بالحي المجاور، كبرنا وتعلمنا ودخلت فرع الهندسة المفضل لدي منذ الصغر، كانت حياتنا هادئة ملؤها الحب والتفاهم والاحترام.

إلى أن سطعت شمس الثورة في سوريا الحبيبة، ومشاركة أهالي منطقتنا بها، كنا نسمع أهازيج الثورة وأناشيدها وهتافاتها بكل حماس وحب، حتى قررت أمي أن تقدم استقالتها من التدريس على خليفة الممارسات الوحشية لنظام بأهالي المنطقة، وهنا بدأت القصة في أحد الليالي الباردة اقتحم عناصر الأمن بطريقة بربرية همجية منزلنا واعتقلت أمي في البداية وأثناء تفتيش المنزل سألني الضابط عن اسمي وعمري ودراستي فأجبته بكل خوف وحزن على أمي واعتقلني أنا الأخرى.

لا أستطيع أن انسى نظرات الحزن والضعف التي رأيتها بعيون أبي وهو مكبل الأيدي والسلاح موجه لرأسه.

ركبت في السيارة التي سارت مسافة طويلة إلى أن وصلنا لأحد المباني الضخمة، نزلنا بعدها إلى عدة طوابق تحت الأرض وبقيت هناك في منفردة باردة ووحيدة لفترة طويلة، ليتم عرضي على المحقق بعد تواجدي لمدة ٢٠ يوم في تلك المنفردة الباردة، جدرانها تحكي حكايات من كانو قبلي هنا، بدأ المحقق بأسئله روتينية عن اسمي واسم امي وأبي وتاريخ ميلادي ودراستي وعن أعمامي وأخوالي وأقربائي، يعم الصمت فجأة ليسألني عن خالي محمد، خالي الذي اختفى ولم أعد أراه منذ خروج المظاهرات الأولى في مدينتي الحبيبه، لأرد عليه بأن لا أعرف مكان وجودة واني لم اتواصل معه منذ فترة طويلة جدا لم يعجبه جوابي لينهال علي بضرب والشتائم وتجريح المشاعر، ليعديني مرة أخرى للمنفردة الباردة، بعد مدة يومين عدت للتحقيق مرة أخرى ، عاود المحقق مرة أخرى السؤال عن خالي لأعيد نفس الكلام مرة أخرى، سألته عن أمي بكل خوف وحزن ليرد علي بكل قسوة وحزم “أمك لن تروها ثانيه حتى يسلم خالك نفسه او تبقى هنا لتموت” .

بعد مدة أسبوع تم تحويلي إلى محكمة الإرهاب بتهمة مساعدة المنشقين وإسعاف الإرهابين.

عند وصولي إلى سجن عدرا تكلمت فورا مع أبي الذي كان يسعى ليسمع أي خبر عنا أنا وأمي عندما سمع صوتي للمرة الأولى كان يبكي كطفل صغير فقد أمه ويررد اسمي بكل حرقة الحمدلله الحمدلله سمعت صوتك يا بنتي الحمدلله، مكثت في سجن عدرا قرابة العام تقريبا إلى أن تمكن والدي بعد دفع مبلغ محترم من المال، لأخرج بعدها فاقدة لأمي ولمنزلنا الذي طاله القصف على المنطقة وأخوتي الذين سافروا إلى بلد آخر خوفا من الاعتقال، أخبرني والدي أن علي السفر فورا، قلت له بتردد وأمي قال لي “سأنتظرها لتخرج ونسافر إليكم فور خروجها” بدأت بتجهيز أمتعتي لسفر لكن صدمتي كانت عندما ذهبت لجامعة لأخذ أوراقي الجامعية لأعرف أني فصلت فصل تام من كلية الهندسة وحرمت من حلم طفولتي، عدت إلي أبي مكسوره الخاطر ليجبني بكل أمل أنه رتب مع أخوتي تقديم طلبا لأحد الجامعات في الخارج لأكمل دراستي هناك، سافرت وأنا قلبي مع أبي الذي تغير شكله وحاله منذ اختفاء أمي، سافرت ودرست فرع هندسة المعلومات في جامعة الزرقاء، وشاركت في تنظيم مجموعات مستقلة لجمع أسماء المفقودين داخل سجون ومعتقلات الأسد، مازلت انتظر عودة أمي اسأل عنها كل ناجية تخرج من ظلمات المعتقلات لكن لم يكن أحد قد سمع بها.

 

مشاركة المنشور على فيسبوك
مشاركة المنشور على تويتر
مشاركة المنشور على لينكد إن